في خضم المقتلة الدرزية، خصوصًا في السويداء، برز موقفان لافتان من جانب السعودية وقطر، وبدا فيهما كأنّ رؤيتهما لهذه التطوّرات الدموية، متباينة.
وفيما كانت الانتهاكات تتصاعد من جانب ميليشيات العشائر والتي انضمت إليها فصائل “متطرّفة” مسلّحة، ثمّ وحدات يفترض أنّها تابعة للسلطة السورية، نقلت وكالة الأنباء القطرية (قنا) عن وزير الدولة بوزارة الخارجية القطرية محمد بن عبدالعزيز بن صالح الخليفي، الثلاثاء، دعوته إلى “اتخاذ جميع الإجراءات الكفيلة بضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم، بما في ذلك محاسبة كلّ الأطراف التي تسبّبت في سفك دماء المدنيين الأبرياء وترويع الآمنين العزّل، خاصّة النساء والأطفال وكبار السنّ، والتأكيد على عدم إفلات الجناة من العقاب”.
وشدّد المتحدّث القطري “على أهميّة تكثيف الجهود لتوطيد السلم الأهلي من خلال الحوار والوسائل السلمية، بما يضمن حماية المدنيين ودعم استقرار المجتمع السوري”.
هذا نقد واضح لسلوك السلطة الأمنية وارتكاب التجاوزات وترهيب المدنيين.
في المقابل، كانت السعودية ترى المشهد بمنظار مختلف.
في لحظات هجوم الفصائل على السويداء، قالت وزارة الخارجية السعودية في بيان أنّها تعرب عن “ارتياحها حيال ما اتخذته الحكومة السورية من إجراءات لتحقيق الأمن والاستقرار والمحافظة على السلم الأهلي، وتحقيق سيادة الدولة ومؤسّساتها على كامل الأراضي السورية بما يحفظ وحدة سوريا وأمنها ويحقّق تطلّعات الشعب السوري الشقيق”.
هذه مساندة بـ”شيك على بياض”، لأداء وأفعال الجولانيين.
ماذا قد يعني ذلك؟
قطر رعت واحتوت وموّلت طوال أكثر من 10 سنوات، وساهمت في “تبييض” صورة أحمد الشرع/الجولاني خصوصًا عبر قناة “الجزيرة”، وبدت الدوحة منذ لحظة السيطرة على دمشق في كانون الأوّل/ديسمبر الماضي، وكأنّها الرابح الأوّل –إلى جانب تركيا- فيما جرى.
وفي المقابل، كانت السعودية بشكل عام بمنأى عن “جبهة النصرة” والانخراط معها، وهي كانت قامت بخطوات “انفتاح” على “نظام الأسد” في عاميه الأخيرين.
الموقف من المقتلة في السويداء، ربما يشير إلى تباعد بين الرياض والدوحة، ربما يتخطّى الجريمة، ويتعلّق بالموقف من الشرع/الجولاني نفسه الذي يبدو للبعض وكأنّه يخرج تدريجيًّا من “ماضيه القطري”، باتجاه السعودية، صاحبة الثقل الأكبر.