ما فعلته “إسرائيل” يومَي الثلاثاء والأربعاء بتفجيراتها الغادرة، استهدف لبنان واللبنانيين، لكنّ جريمتها بدأت تثير الصدى والمخاوف في كلّ مكان في العالم.
عندما بدأت جماعة “أنصار الله” اليمنيّة باستهداف السفن الإسرائيليّة والسفن المتعاونة مع الاحتلال ومرافئه، هبّ العالم الغربيّ قائلًا إنّ اليمنيّين يعرّضون حرّيّة التجارة العالميّة للخطر، وينتهكون القوانين الدوليّة.
ما قامت به “إسرائيل” بتفجيرات أجهزة المناداة “البيجر” والاتصالات، نقلة خطيرة لا في مستوى صراعها العسكريّ والأمنيّ مع “الحزب” والمقاومة في المنطقة عمومًا، وإنّما في كون كيان الاحتلال فتح الباب، بدرجة لم يعهدها العالم، أمام مخاطر يمكن أن تمسّ كلّ إنسان.
في عالم صار فيه اقتناء الأجهزة والمعّدات الالكترونيّة والتكنولوجيّة شيئًا بديهيًّا وشائعًا، فإنّ انتهاك سلامة المنتجات وسلاسل التوريد التجاريّة، من المنشأ والمصنع إلى الإعداد والشحن والتصدير ووصولًا إلى الأسواق التجاريّة، بمثل ما قامت به “إسرائيل”، بتفخيخ أجهزة اتصال، لا يمكن أن يوصف سوى بأنّه عمل إرهابيّ جماعيّ، كما يقول الخبراء، خصوصًا أنّ العمليّة لم تكن تستهدف بشكل حصريّ مقاتلين في الحزب، وإنّما فئات اجتماعيّة وسكّانيّة حتّى بعيدة عن جبهات القتال وفي أماكن مدنيّة بحتة، وكان يمكن أن تتسبّب بمقتل ما لا يقلّ عن 4 آلاف شخص.
هذه “جريمة حرب” موصوفة.
وهناك قوانين دوليّة يُفترض أنّها تحمي حرّيّة التجارة وسلامة سلاسل التوريد والتبادلات الاقتصاديّة. والهواجس والمخاوف لم تعد تقتصر على لبنان.
وزارة الدفاع التركيّة تراجع تدابيرها لتأمين أجهزة الاتّصالات الّتي تستخدمها قوّاتها المسلّحة، “للاستفادة من الدروس”. أنقرة تعتزم تسريع خطواتها لإنشاء وكالة مستقلّة للأمن الإلكتروني.
سلطات الأمن الوطنيّ العراقيّ بدورها قرّرت تشديد الإجراءات على المنافذ الحدوديّة لتجنّب أيّ حالة اختراق محتملة والتدقيق الأمنيّ بواردات الأجهزة الإلكترونيّة.
الحرس الثوريّ في إيران أعلن أيضًا أنّه جرى إبلاغ العديد من المسؤولين بضرورة إبقاء هواتفهم المحمولة بعيدًا عنهم، وإعطائها لجهة تقوم بفحصها.
سلطات الادّعاء في تايوان، إحدى أكبر الدول نشاطًا تجاريًّا حول العالم، استجوبت بالأمس رئيس ومؤسّس شركة “غولد أبولو” شو تشينج كوانج الذي يقول إنّ شركته لم تصنع “البيجر” المستخدم في اعتداءات لبنان.
من يلجم “إسرائيل”؟