للمرة الأولى منذ أكثر من 4 سنوات، هناك ما يبدو أنّها قناعة عامّة على المستويات الشعبية الحكومية، بأنّ إيران لن تلتزم هذه المرّة بالصمت، إزاء الغارة الجوية الإسرائيلية على المبنى الملحق بالقنصلية الإيرانية في العاصمة السورية دمشق في الأوّل من نيسان/ابريل الحالي.
وبحسب صحيفة “اطلاعات” الإيرانية، فإنّ 18 شخصية غالبيتهم من القيادات في الحرس الثوري الإيراني قتلوا على الأراضي السورية، منذ الغارة الإسرائيلية الأولى التي بدأت في 2 كانون الأول/ديسمبر 2023، باستهداف الوجود الإيراني في مرحلة ما بعد بدء “طوفان الأقصى”. وأكثر هؤلاء أهمية هو العميد محمد رضا زاهدي الذي قتل في غارة حي المزة في 1 نيسان الحالي، والعميد سيد رضي موسوي الذي قتل في 25 كانون الأول/ديسمبر الماضي، والعميد حجة الله اميدوار الذي كان يتولّى مسؤولية استخبارات “فيلق القدس” في سوريا.
لكن اغتيال العميد زاهدي يمثّل حالة مختلفة، تحتّم وقوع “الرد الإيراني” بحسب ما تظهره سلسلة المواقف والتقديرات الصادرة من كل الأطراف.
لماذا؟
– شخصية العميد زاهدي نفسه ودوره المحوري في “فيلق القدس”
– المبنى المستهدف بمثابة “أرض إيرانية”، وهو ما سبق لطهران أن قالت مرارًا أنّها لا يمكن أن تحتمله لا داخليًا ولا إقليميًّا
– منذ اغتيال قائد “قوّة القدس” الجنرال قاسم سليماني في بغداد في بداية العام 2020، والهجوم الصاروخي البعيد المدى الذي قامت به إيران ضد “قاعدة عين الأسد” الأميركية في غرب العراق، فإنّه من النادر أن يتحدّث مرشد الجمهورية السيد علي خامنئي عن قتلى لإيران في الحرس الثوري ويتوعّد بالانتقام لهم، حيث قال في اليوم التالي لغارة حي المزة، أنّ الانتقام سيكون “على أيدي رجالنا البواسل”. ثم بعدها نشر التهديد باللغة العبرية.
– تصريح الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي حول حتمية الرد ثمّ اتصاله بالرئيس السوري بشار الأسد للقول أنّه “لا شك أنّ الكيان الصهيوني وأعوانه سيعاقبون على الجريمة وهذا العقاب مؤكد وغير قابل للتغيير”.
– بيان حزب الله في لبنان في اليوم ذاته: “هذه الجريمة لن تمرّ دون أن ينال العدو العقاب والانتقام”، ثم خطاب الأمين العام للحزب السيد نصر الله بأنّ “الردّ الإيراني آت لا محالة”.
يبقى أن يتّضح أمران:
أوّلًا، توقيت الهجوم الإيراني، وطبيعة ما ستتّم مهاجمته
ثانيا، هل فعلًا هناك تسوية –أو “شرط” إيراني– بأنّ المانع الوحيد الذي يمكن أن يوقف “الانتقام” الإيراني، هو هدنة توقف سريعًا الهجوم الإسرائيلي على غزّة ويتحرّك الأميركيّون بشكل كبير حولها بالفعل منذ أسبوع؟