كانت المدارس في بلادنا تلقّن التلاميذ أنّ السودان بإمكانه أن يكون “سلّة غذاء العرب”. تعمّم المصطلح، وصار “سلّة غذاء العالم”. لكنّ السودانيّين الذين كانوا من أكثر الشعوب العربيّة ثقافة وقراءة، أصبحوا جوعى، وبلادهم تمزّقها الحـ ـروب من عقود.
خلف مشهد التنازع على السلطة في الخرطوم، والولاءات الإقليميّة والدوليّة للأطراف المتحاربة، تكمن الثروات التي لم ينعم بها السودانيّون، وإنّما صارت وبالًا عليهم.
أمام أعين العرب، فرض الانفصال على السودان في العام 2011، وخسر من أراضيه 760 ألف كيلومتر مربّع لصالح دول جنوب السودان. لكنّه خسر أيضًا ثلاثة أرباع إنتاجه النفطي، ما شكّل ضربة لمصالح شركات النفط الصينيّة أساسًا.
هناك صراع “دولي مصغّر” في السودان. البلد يمتلك أحد أكبر الاحتياطات من الذهب في العالم، وهو يشكّل نحو 70% من صادرات البلد الرسميّة، لكنّ الجزء الأكبر منه يُستخرج بشكل غير رسمي، خصوصًا في دارفور وكردفان والفاشر، وتتمّ المتاجرة به داخليًا وخارجيًّا.
النحاس أيضًا ينتشر في تلال البحر الأحمر وجبال النوبة، وهو أحد العناصر الحيويّة في الصناعات التكنولوجيّة والذكاء الاصطناعي، بينما تحتوي مناطق دارفور والحدود مع إفريقيا الوسطى على رواسب من اليورانيوم كانت في طريقها لتشكّل أساس شراكات طاقة مع روسيا والصين قبل أن تعرقلها الحـ ـرب. ويتمتّع السودان أيضًا بوفرة في معادن مثل الحديد والكروم والمنغنيز والمعادن المسمّاة “نادرة” التي تتنافس عليها القوى العالميّة.
الثروة السودانيّة الأكبر تتمثّل في الأراضي الزراعيّة والتي تمتدّ على مساحة نحو 170 مليون دونم، وتغطّي الزراعة وتربية الماشية مصدر العيش لأكثر من 60% من السكّان، وهي تنتج القطن، السمسم، الفول السوداني، والذرة، إلى جانب الصمغ العربي الذي يُشكّل 80% من الإنتاج العالمي.
وهناك أكثر من 130 مليون رأس من الماشية، ما يجعل السودان من أكبر منتجي اللحوم في إفريقيا. كما تقدّر الثروة السمكيّة بنحو 110 آلاف طن سنويًّا.
السودان ليس فقط قصّة حـ ـرب. السودان، صورة مصغّرة عن أوطاننا، وكيف يراد لها أن تكون. السودان سقط، منذ أن تخلّى “أشقاؤه” العرب عنه، وخذلوه.








