الرسالة واضحة: حتّى خذلان محمود عباس (أبو مازن) لما تبقّى من فلسطين، لم يشفع له عند الأميركيّين والإسرائيليّين.
الآن، أبو مازن ممنوع من دخول الولايات المتّحدة، وكلّ أبناء الشعب الفلسطيني تقريبًا.
في حالة “أبو مازن”، فإنّ التنازل أمام الاحتـ ـلال، تحوّل إلى نموذج للتعبير عن التردّي السياسي، وفقدان الإحساس بالناس.
لا “عمليّة مدريد للسلام” ولا “اوسلو” ولا اتفاقات التنسيق الأمني، ولا السخرية من فصائل “المقـ ـاومة” وجماعاتها في الضفّة الغربيّة وغزّة، ولا التضييق عليهم، وملاحقتهم، وتسليمهم للاحتـ ـلال، شفعت لأبو مازن.
كلّ التنازلات والرهانات على الإدارات الأميركيّة المتعاقبة منذ التسعينيّات؛ كلّ الليونة أمام سطوة الاحتـ ـلال وإرادته؛ لم تحمِ لا بقايا الأرض التاريخيّة لفلسطين، ولا ساهمت في تحسين حياة الناس، ولا منحتهم “الدولة” الموعودة على ما تبقّى من فتات جغرافي.
ممنوع دخول أبو مازن، والعشرات من رجال سلطته، إلى الأراضي الأميركيّة، ولا إلى نيويورك حيث تعقد أعمال الجمعيّة العامّة للأمم المتّحدة.
القرار سبقه قرار آخر من إدارة ترامب، يتمثّل بتقييد دخول الفلسطينيّين من قطاع غزّة الذي يقوم “شريكه” نتنياهو بقـ ـتلهم وتجويعهم ودفعهم لطلب الهجرة، ولحق به قرار آخر بتعليق شامل للموافقات على جميع أنواع التأشيرات تقريبًا لحاملي جوازات السفر الفلسطينيّة والتي تشمل تأشيرات العلاج والدراسة الجامعيّة وزيارات الأقارب والأصدقاء والعمل.
ما خطورة ذلك؟
1- ضوء أخضر لنتنياهو للمضي قدمًا في تدمير غزّة أوّلًا، وقضم أراضي الضفة الغربيّة تاليًا
2- انتقام دبلوماسي كيدي، ردًّا على قرارا عدد من الحكومات الغربيّة، بما فيها حليفة لواشنطن، الاعتراف بـ”الدولة الفلسطينيّة”
3- تشجيع الاحتـ ـلال على تهجير الفلسطينيّين، بينما تنفض واشنطن يديها من تداعيات الجـ ـريمة برفضها مسبقًا استقبال المهجّرين
4- انغماس ترامب الكامل دعمًا لنتنياهو، وهو ما من شأنه أن يشجّعه على استكمال سياسته التصعيديّة في المنطقة وضدّ دول الجوار بما في ذلك لبنان وسوريا والأردن وإيران واليمن وغيرها، ومشروعه “إسرائيل الكبرى”.
التداعيات أكبر من مجرد “منع” أبو مازن من دخول نيويورك. هذه تصفية سياسية لما تبقى من القضية الفلسطينية وتشتيت لشعبها وابناء المنافي، وطعنة اميركية قاتلة لحياة الفلسطينيين وبقائهم.
ماذا يفهم لبنان؟