صحيح أنّ الحرب على غزّة يجب أن تتوقّف، وأنّ العالم سمح باستمرارها طوال عامين، إلّا أنّه ليس من البديهي أن يتمّ القبول بأيّ مبادرة يتمّ طرحها، حتّى وإن سُمِّيت “خطّة سلام”، كالتي طرحها الرئيس الأميركي ترامب.
ينود الخطّة إشكاليّة، بل إنّ كثيرين يصفونها بأنّها محاولة لفرض استسلام على الفلسطينيّين، وتتماهى تمامًا مع مواقف إسرائيل-نتنياهو، إزاء غزّة.
مجرّد ورود اسم “طوني بلير” بحدّ ذاته ليتشارك رئاسة ما يسمّى “مجلس السلام” الذي سـ”يشرف على ويراقب” الإدارة التي ستدير غزّة، ليس مجرد تسخيف للخطّة، وإنّما إنذار بخطورتها.
صحيح أنّه حكم بريطانيا لنحو 10 سنوات كرئيس للوزراء، لكنّ كلّ ما يكشف منذ ذلك الوقت من وثائق رفعت عنها السرّيّة ومحاضر اجتماعات ولقاءات سواء داخل الحكومة البريطانيّة أو بين بلير ونظيره الأميركي وقتها جورج بوش، تفضح هذا الرجل وتدينه بالتبعيّة لواشنطن، وبلامبالاته واستهتاره في كيفيّة بلورة تصوّر الحـ ـرب على العراق العام 2003، واستخفافه بأرواح العراقيّين.
حتى إنّ البريطانيّين حاولوا كثيرًا- ولم ينجحوا- مقاضاته وملاحقته بالمحاكم بسبب جرائمه العراقيّة وسوء استخدامه لسلطته وفي تبرير وتضليل الراي العام، من أجل تمرير قرار الغزو وتدمير العراق.
والأنكى، أنّ اسمه مقترح برئاسة مشتركة لـ”مجلس السلام”؟!. بلير ما أن خرج من منصبه حتّى جرى تعيينه بعد ساعات في العام 2007، كمبعوث للشرق الأوسط يمثّل الولايات المتّحدة وروسيا والأمم المتّحدة والاتحاد الأوروبي، كمسؤول عن ما سمّي “اللجنة الرباعيّة” التي كانت مكلّفة طرح تسوية حول فلسطين وتعزيز التنمية ورعاية المفاوضات مع الإسرائيليّين بناء على خيار “حلّ الدولتين”.
طوني بلير فشل تمامًا. الفلسطينيّون لم يغفروا له انحيازه في عمله هذا، إلى جانب إسرائيل ومطالبها وشروطها.
ولن نقول كلاما ملطفا بانه خرج خالي الوفاض من مهتمته الفلسطينية، إذ لن يكون من المبالغة القول فعلًا إنّ جزءًا من الكارثة التي عانى منها الفلسطينيّون، ليس مستمدًّا فقط من الإرث الاستعماري لبريطانيا منذ وعد بلفور المشؤوم، وإنّما في أساليب وتلاعب وتواطؤ سياسيّين مثل بلير، وصولًا إلى “طوفان الأقصى” قبل عامين.
بلير شريك أساسي في ما آل إليه وضع الفلسطينيّين حتّى 7 اكتوبر/تشرين الأوّل 2023.. وانفجارهم على جلّادهم في ذلك اليوم.









